أسرار التصميم

Posted by designer On Friday, July 27, 2012 0 Comments
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته


مقال من كتابة الاخ : عصام حمود

من المصممين العرب على إطلاع متواصل بهذه المواقع والمدونات الاحترافية المتخصصة مثل: Smashingmagazine Abduzeedo Nettuts PSDTUTS وغيرها مواقع ومدونات تتشابه إلى حد كبير في مضمونها ومحتواها.. أعتقد أن العدد الأكبر من المصممين العرب اطلعوا ولو لمرة واحدة على موقع من هذه المواقع.. جميعها مواقع تحتوي على مجموعة ضخمة من الدروس حول التصميم وحول تقنيات التصميم ومجموعة كبيرة من الإضافات المتعلقة بالبرامج وخامات وأيقونات وخدع وفبركات.. أضف إلى ذلك ما تحتويه المنتديات العربية من العجب العجاب من دروس كذلك وملفات ضخمة تستطيع تحميلها والذي لا يمكنك تصوره وكل هذا موجود بشكل مجاني على الشبكة.. يكفيك فقط أن تبحث لتجده.
مواقع ملفات الفيكتور المشهورة مثل Zcool وغيرها كثير توفر عليك عناء رسم أي تصميم ما عليك سوى أن تبحث عن الذي يناسب وتستخدمه.. هذه المواقع التي ما أن يكتشفها البعض حتى يفتتح مدونة ويبدأ في مجموعة مواضيع بحسبه “متفردة” في تقديم ملفات فيكتور وأيقونات لا أحد يعلم عنها شيئًا.. ولو لاحظت إعلانات جوجل في صفحته لاكتشفت المعنى من وراء هذه المدونات.



الفوتوشوب على سبيل المثال.. أشهر برامج التصميم.. ويستخدمه الكل المحترفون والمبتدئون والذين لا علاقة لهم بالتصميم كذلك.. دروسه هي الأكثر انتشارًا.. ورغم هذا نجد المصممين العرب مجردون من الإبداع والابتكار – حتى محدثكم هذا – إلا عدد قليل هو الذي يتميز ويتفرد عن البقية.. وأتساءل إذا كنا في البداية بحاجة إلى دروس الفوتوشوب فتلك كانت بداية ضرورية للجميع سواء عرب أو غيرهم.. والفوتوشوب مفصل تفصيل على الشبكة الآن.. قس نفس الأمر على الووردبريس وعلى دروس الـ CSS والـ XHtml وعلى كل ما يخطر ببالك.. إذن أين المشكلة؟؟
يجب تجاوز الأساسيات:
مسألة تعلم التقنيات شيء ضروري لأي شخص يرغب في دخول عالم التصميم.. مثلما درسنا في معهد الفنون تقنيات الرسم وأساسيات التلوين والرسم الزيتي ودرسنا حول الديكور الداخلي والنحت وغيرها.. هذه كلها فقط أهم الأمور الضرورية في هذا المجال أو غيره من المجالات الأخرى.. لكننا خلال فترة دراستنا وعلى الرغم من أن البعض متمكن من التقنيات إلى حد بعيد لكنه لم يتميز.. على العكس كان هناك العديد ممن كانوا تقنيًا مقبولون إلا أن ما يقدموه كان عالي المستوى.. نوعية ألوانهم ونوعية مواضيعهم ونوعية اختيارهم للتفاصيل.
هذا ما أراه اليوم على الشبكة.. كثيرون متمكنون من التقنية بشكل عالي المستوى ولكنهم لم يتميزوا بالرغم من ذلك.. لماذا ذلك الإصرار على أن الأهمية لإتقان المصمم للأساسيات.. صحيح أنا تعلم كذلك ولكنني لا أجد مبررًا حتى يكون مدار الحديث طوال الوقت حول التقنيات والأدوات نفسها.. إنها لا تشكل سوى وسائل لتحقيق غايات.. ولهذا أنا ضد ذلك الإفراط الذي أراه في الحديث المتواصل حول التقنيات وأدوات التصميم واكسسواراتها والتي على ما أرى أنها السبب وراء الكسل الذي أصيبنا به كمصممين حيث أننا لا نكلف نفسنا عناء البحث عن شيء جديد أو تغيير شيء من الموجود بما أن كل شيء موجود أمامنا وعلينا فقط الانتقاء والتركيب.
ما الذي يحدث؟:
الذي يحدث أننا نفرط في الحديث عن التقنيات والبرامج أكثر من استخداماتها على الواقع.. نفرط في تهويل إمكانياتها مع أننا لم نحقق بها شيئًا إبداعيا يذكر.. الشبكات الاجتماعية على سبيل المثال هول من موضوعها أكثر من اللازم.. وبالأمس طالعت مقالا على الجزيرة نت أثبت لي صحة ما كنت أحاول إيصاله في لوحاتي من أن الحديث حول التقنية نفسها صار هو الهدف مع أنها ليست سوى وسيلة لتحقيق غاية أو هدف.. نفس المشكلة مثلاً وجدتها عندما أعلن احجيوج عن مسابقة المدونات المتخصصة فوجدت بأن المدونات المتخصصة الأكثر تواجدًا هي المدونات التي تتحدث عن التقنية وماذا أيضًا بل هي مدونات على الأغلب لا تعطيك سوى قشورًا حول التقنية مجرد أخبار وتتكرر بين الجميع وقليل من مادتها ما ينفع فعلاً المستخدم في الإبداع وهذا ليس عيبًا.. نفس الشيء بالنسبة للتصميم ما يحدث أن الإشهار والدعاية للبرامج واللواحق والأيقونات والخامات أكثر منه من الدعاية لأفكار التصميم ولتطوير فكر المصممين أنفسهم.. لا يعني هذا أنني ضد ذلك النوع من المدونات والتوجه بل أنا ضد أن يكون هو الأساس وهو الهدف في حين كان الأحق إعطاء خيال وأدمغة المصممين الاهتمام الأكبر إلى جانب ضرورة تعلم التقنيات.
التصميم يعني الأفكار:
حين تصلني رسالة أو أجد تعليقا يطلب مني تبادل الخبرات في التصميم أو تقديم دروس في التصميم.. الحقيقة أبقى للحظات أفكر ما الذي يمكنني تقديمه له.. بعضهم يغضب مني حين أرسل له مجموعة مواقع أنصحه بمتابعتها ومتابعة مقالاتها لأنني تعلمت منها وأنه لا يوجد لدي ما أقدمه له ويتهمني بأنني أبخل عليه بالمعلومات.. في حين أنني فعلاً لا أملك ما أقدمه له.. ولن يصدقني أحد لو قلت بأنني مؤخرًا بت لا أشغل نفسي كثيرًا بالمجال التقني بل أتعب في البحث عن الأفكار الجديدة ومن ثم أبحث عن طريقة تنفيذها من خلال الدروس والتطبيقات المختلفة أي أنني أتعلم شيئًا جديدًا من أجل تنفيذ فكرتي.. مادامت الدروس والتوضيحات موجودة على الشبكة فهذا يوفر علي عناءً كبيرًا..
أي أنني هنا عكست الحكاية فأنا أبحث عن الفكرة المناسبة ومن ثم أبحث عن الطريقة الأمثل لتنفيذها.. ومع الوقت تتكون لدي خبرة أكبر سواء من ناحية معرفة هذه الطرق المختلفة أو من خلال تطوير أسلوبي في البحث عن الأفكار الجديدة.


بالإمكان القول بأن هذا المقال نقد لعبارة “أسرار التصميم” .. ومقال فلسفي أكثر منه شيئًا آخر.
عندما بدأت مدونة حمود آرت كانت لدي وجهة نظر محددة تجاهها.. أنها ستكون المكان الذي أتحدث فيه عن العالم الفني الذي يستهويني.. لدي ميول وفنون متعددة أحب الإطلاع عليها.. ربما بسبب دراستي للاتصال البصري أكثر ما اهتم به أكثر هو مجال التصميم الذي بدأته كهواية أولاً.. لكنه يبقى جزءً من اهتماماتي الفنية والجانب المهني في حياتي.
أعلم بأنني سأكون مخيبًا في هذا المقال لو قلت بأنني لن أتحدث عن برامج التصميم ولن أكذب عليك مثلما صار شائعًا مؤخرًا كذبة من نوع “عشرة نصائح لتصبح مصممًا ناجحًا“.. لن أكتب لك مقالا يخبرك أشياء تعرفها من قبل من نوع أفضل ملحقات الفوتوشوب.. وأستغرب أن يتم تلخيص أسرار التصميم في بعض الشكليات.. ربما أكثر ما أستغربه كذلك هو تلخيص النصائح التي تتحدث عن أسرار التصميم في بعض الأوامر افعل كذا ولا تفعل كذا استخدم كذا ولا تستخدم كذا.
هل تعلمون.. لم أجد من قبل من يتحدث عن شخصية المصمم.. دومًا عندما يتحدثون عن مصمم معين يتحدثون عن الأدوات التي يستعملها.. عن المواقع التي يتابعها.. عن المصممين الذين يتابع أعمالهم.. لم أجد من قبل من يتحدث عن فكر المصمم نفسه.. عن رؤاه الخاصة في أعماله.. فالتصميم قبل كل شيء فن.
أستغرب أن يتم جعل التصميم كأحد الأعمال المهنية الحرفية البحتة.. مجرد تقنيات وأدوات ومبادئ وتوجيهات وملحقات وانتهى الأمر.. وإن كانت تشكل جزءًا منه.. لم أرى في حياتي أديبًا يكتب رواية يتحدث فقط عن التقنيات التي استعملها فيها بل رأيت أدباء كبار يتحدثون عن معنى كتاباتهم وعن رؤيتهم الخاصة من خلال أعمالهم.
لم أر من قبل فنانًا تشكيليًا يجعل هاجسه نوعية الزيت التي يستخدمها أو القماش الذي يرسم عليه بقدر ما يبحث عن موضوع خاص به ورسالة يوجهها إلى الآخرين.. أو ان يترجم شخصيته وأفكار على لوحاته الخاصة.
قد يبدو هذا الكلام جنونًا ويدخل في إطار الحديث عن الجانب الشخصي من أعمال المصمم.. وبأنه “ما يوكلش عيش” على رأي احد أقربائي حيث قال لي أن ما أفكر فيه لا يأتي بخبز آكله وأنه يجب علي أن أصمم ما يريده الناس.. مثل أفيشات المناسبات، كروت ومواقع الشركات، أغلفة الكتب التي يشتريها الناس بكثرة.. المهم أن أخضع مهارتي وموهبتي لأحصل على أكبر قدر من المردود في هذا المجال ولان أحصل على أفضل الزبائن الذين أرضيهم بنوعية من الأعمال المتوسطة الجودة.. ويبقى الجزء الخاص بي وأفكاري لي وحدي شان يخصني ولا يجب أن أقحمه.
لا أقتنع بهذا النوع من الكلام وإن كان جزء منه صحيح في واقعنا وعالمنا الذي لا يهمه كيف تفكر وما هي رؤيتك لما تريد تقديمه له.
أرى أن عددًا كبيرًا من المصممين ألغوا شخصياتهم ونفوها وصاروا مجرد منفذين لما يريده الزبون منهم.. مجرد آلات تطبق الطلبات ولا تحاول تقديم بصمتها في التصميم.. تتعلم التقنيات والأدوات للتحول بدورها إلى أدوات..
من من المصممين يسعى إلى موازنة هذه الأمور مع بعضها؟.. أن لا يجعل من الجانب التقني الهام جدًا في مجال التصميم هو جل اهتمامه.. وأن لا يترك روحه الفنية وشخصية ورؤيته وبصمته الفنية يدون أن تنطبع على جميع أعماله.. من المصممين يسعى لأن لا يكون مع التيار.. إن ركض الناس يمينًا ركض معها.. وإن شمالاً فعل المثل.
ولهذا فأنا أجيب من يستفسر حول المدونة هل تعطي دروسًا في التصميم؟؟.. هل توفر كذا وكذا.. فأقول “نعم.. ربما” ولكنه سيكون فقط من أجل الموازنة بين الأمور.. أحاول في هذه المدونة الوصول إلى نقطة توازن لا تجعلني أعطي للأدوات ولحمى الدروس والملخصات ونصائح “كيف تصبح مصممًا متميزًا” أكثر من حقها.. وبين الجانب الخاص بي ورؤيتي الفنية واتجاهاتي وما أبحث عنه.
قد أكون مخطئًا أو مبالغًا أو حانقًا ولكنها في نظري حقيقة واقعة.


المصدر:مدونة حمود آرت



0 Comments:

Post a Comment